نبذة تعريفية عن الراحل الفنان الرائد / الفـــاضل سعــيد
صفحة 1 من اصل 1
نبذة تعريفية عن الراحل الفنان الرائد / الفـــاضل سعــيد
نبذة تعريفية عن الراحل الفنان الرائد / الفـــاضل سعــيد
نشأ الرائد المسرحى الفاضل سعيد فى بيئة دينية وتاريخية لها أبعادها الحضارية، وهى منطقة دنقلا الغدار بشمال السودان . والده سعيد ضرار سلنتوت، ووالدته فاطمة محمد سلنتوت و»سلنتوت« تعنى الصالح ، او ابن صالح ، فوالده لا يعرف اللغة العربية يرطن فقط . والوالدة لا تعرف الرطانة ولكنها تجيد اللغة العربية. ازاء هذا التباين وجد الفاضل سعيد نفسه فى إطار تركيبة منحته ثراء ذهنياً وتربوياً .. وتشاء الظروف ان يتربي عند " جدته " احدى نساء ام درمان القدامى بكل ثقافة ام درمان وحي بيت المال. والأسرة فيها من جاء مع المهدي الى ام درمان. ومنها من استشهد في معركة شيكان. وهذا المكون لم يمض دون ترك آثار على مجرى حياته . المناخات التي عاشها كانت حريَّة بأن تجذبه وتشده حيث لم يكتشف ملكة التمثيل الاّ عندما أتيحت له الفرصة عند انتقال الأسرة من حي بيت المال الى ود نوباوي بأم درمان . و ألتحاقه بالكشافة وهى نشاط أهلي كان له الفضل في إظهار موهبته . وكانت فرقة الكشافة يرعاها السيد الامام عبد الرحمن المهدي . وأتاحت له فرصة المشاركة بالتمثيل كأصغر عضو فيها. وأول ما قدم كان ترجمة قانون الكشافة وتحويله الى دراما. بمشاركة بقية الصبية في ارتجال التمثيل ليخرج في النهاية المدلول عبارة عن قانون الكشافة. وهى الخطوة الاولى نحو بداية التأليف والتمثيل معاً. وخلال الاستراحة اثناء النشاط كان يعد ويحضر للفواصل الأخرى، مما مكنه من التمرس على الجانب الارتجالي. فى المدرسة الاولية وجد أمامه الأستاذ خالد ابو الروس الذي كان يدرسه مادة الحساب. فشاهده مع فرقة السودان للتمثيل .. وتمني الفاضل أن يصبح مثله. ولكنه وقف في طريقه وهو يقدم مع الطلاب بالمدرسة مسرح الملايات ، حيث قال له : يا ابني لا أريدك أن تمثل الآن.. ولو مثلت الآن فلن تتعلم، ونحن في حاجة للممثل المتعلم . بعد التحاقه بالمدرسة الثانوية المصرية »مدارس البعثة التعليمية « كان الاساتذة ينقلون مسرحيات نجيب الريحاني وبعد الانتباه للامر ، توصل لقناعة بان المسرح امر عظيم ومسئولية كبيرة. ومن خلال القراءات لذلك المسرح قرر ان يكون مسرحياً . وبعد إكماله للثانوي التحق بجامعة الخرطوم لدراسة الآداب، لكن شغفه بالمسرح جعله يقدم اوراقه للالتحاق بمعهد الموسيقى العالي بالقاهرة، لكن اساتذته نصحوه بالا يضيع اربعة أعوام دون فائدة، لأن الحقل الذي يمكن أن يعمل به غير موجود في السودان. توكل على الله واختار طريق المسرح واختبر نفسه وسط جمهور من خارج اطار الطلبة، حيث جاء جمهور الخرطوم لأول مرة لمشاهدة الاحتفالات الضخمة التي تقيمها المدارس المصرية بنهاية العام. وتشمل الموسيقى والرياضة والتمثيل. وبدأ يمثل لجمهور يرى ويتكلم، مما منحه الثقة للتمثيل. وشرع في تكوين فرقة الشباب للتمثيل الكوميدي في عام 1955م. وضمت هذه الفرقة محمود سراج »ابو قبورة« الذي جاء في مرحلة لاحقة، وعثمان أحمد حمد »أبودليبة« والراحل عثمان اسكندراني، اضافة الى مجموعة من الفتيات. وتم تسجيل الفرقة في مجلس بلدي ام درمان. وكان مقرها بنادي العمال. ولعله يدين بالفضل لهذا النادي الأم درماني الذي احتضن الفرقة التي خرج بها من جمهور الفرجة واطار الكشافة والنشاط المدرسي الى فرقة تقدم عروضها المسرحية .. بعدها احس الفاضل سعيد إن مرحلة الثانوي قد انتهت، وليس امامه فرص دراسية أخرى، أو شخص يمكن أن يستفيد منه باعتباره أول شخص بدأ الكوميديا بشكلها الأرسطي، أوبشكلها الحديث، فبدأ في التفكير لإيجاد منابع لاسيما وأن هذا القدر أصبح مصيراً ومعاشاً. فوجد الحاجة الماسة للقراءة التي بدأها عبر الإطلاع، وقراءة المسرح العالمى والشعر . تأصلت التجربة الى الانتشار الذي دفع به للانتقال بمسرحه الى الاقاليم التي كان التحرك لها بهذه الفرق الصغيرة، احساساً منه ان جمهور العاصمة هو جمهور الاقاليم الذي إذا خاطبته بلغة واصلة يمكن الوصول الى هدف اساسي.. الدخول الى الإذاعة السودانية كان صعباً جداً.. ولم يدخلها عن طريق تمثيل الكوميديا التي كانت غير معروفة ولا مرغوبة وغير مطلوبة ، فسلك طريق آخر بتقديم التمثيليات الصغيرة والجادة عبر برامج ركن المرأة ، وركن الاطفال، وركن المزارع، وهذا اتاح للاسم الفني ان ينتشر عبر اكثر من برنامج.. بعدها اتيحت له الظروف بعد مسرح البراميل الذي اصبح مسرح الاذاعة ، وتحول للمسرح القومي، ليتم الاعتراف من الاذاعة والالتحاق بها..
من اشهر الاعمال التى قدمها الفاضل سعيد للمسرح السودانى ، مسرحية أكل عيش التى كانت عام 1967م وهي مرحلة الانتقال الى المسرحيات ذات الفصول . ومع بداية الانتشار وذيوع الاسم على مستوى القطر سافر فى جولات عربية كان من ابرزها زيارته للقاهرة لتقديم مسرحية (أكل عيش) كأول مسرحية عربية غير مصرية تصور وتبث من التلفزيون المصري.. وبعد (15) عاماً سجلها التلفزيون السوداني . وغيرها من المسرحيات " " و" الكسكتة "
و بعدها توالت الاعمال المسرحية مثل ( مسرحية الفي راسو ريش ) و ( مسرحية الناس في شنو ) و الكثير من الاعمال التلفزيونية مثل سلسة ( رمضانيات ) و مسلسل ( موت الضان ) إضافة للشخصيات الراسخة فى ذهنية الجمهور " العجب أمو " و " بت قضيم " و " كرتوب " ..
وقد اشتهر الفاضل سعيد كما زكر أعلاه بعدد من الشخصيات التي شكلت حضوراً طاغياً على المسرح السوداني اشهرها شخصية (بت قضيم) الحبوبة الكبيرة سليطة اللسان الناقدة بذكاء لكثير من المظاهر والظواهر الاجتماعية الى جانب شخصية (العجب) وشخصية (الحاج كرتوب) وهى جميعها نماذج كاريكاتيرية حية بالمواقف الناقدة الساخرة
* وقد شق طريقه بعناء وصبر ومصابرة حتى اصبح رقماً لا يمكن تجاوزه في تاريخ المسرح السوداني، وكان من اوائل الذين خرجوا بالمسرح من العاصمة والمجموعات الصفوية القادرة على ارتياد المسرح الى الأقاليم المختلفة حتى جذب اليه هذا الجمهور الذي اصبح يدعوه وينتظره ويتفاعل معه بحب وبعفوية وتقدير متزايد.
* صحيح انه تأثر بالمسرح المصري خاصة ايام دراسته بمدارس البعثة المصرية حيث التقى بالممثل الكوميدي الاشهر امين الهنيدي، ونجم الكوميديا المعروف محمد احمد المصري الشهير بـ (ابو لمعة الاصلي) اللذين اثرا في دفع موهبته في التمثيل، ولكنه استطاع الخروج من عباءتهما وهو يقدم هذه الانماط السودانية المتفردة وان ظلت بعض حركاته الجسمانية تحمل هذا الاثر وهذا لا يقلل من خصوصية موهبته وتميزها.
* ونحن نعلم مدى المعاناة التي ظل يبدع الفاضل سعيد تحت ضغوطها وآلامها إلا أنه كان من اوائل المؤسسين لفرقة الشباب للتمثيل الكوميدي وظل يحلم حتى آخر ايامه بمسرح الفاضل سعيد وكان طوال هذه المرحلة الفنية لصيق الصلة بجمهوره في الاقاليم الذي شاءت ارادة المولى ان يختم حياته الفنية في مدينة عزيزة عليه هى حورية البحر الاحمر بورتسودان الحبيبة
بدا مسيرته الفنية وكان في الثامنة عشرة وكان النجم في مئات المسرحيات الكوميدية التي قدمها فوق مسارح الخرطوم والمدن السودانية الاخرى. توفي الفاضل سعيد امس الجمعة في مدينة بور سودان على البحر الاحمر حيث كان يقدم اخر مسرحياته. وقد عبر الرئيس السوداني ووزيرا الثقافة والاعلام ومسؤولو المسرح الوطني ومحطتا الاذاعة والتفلزيون عن حزنهم لفقدان الفنان الذي شكل علامة فارقة في الفن السوداني.
و قد منحت الدكتوراه الفخرية للممثل الراحل الفاضل بعد رحيله بمدة قليلة
الفاضل سعيد اسم لا يمكن ان يتخطاه أي مطلع على مسيرة المسرح السوداني، فهو بحق من استطاع الصمود على خشبة المسرح السوداني طوال خمسين عاما من الابداع المتواصل، بما يمكن ان يؤسس تيارا مسرحيا، بل يمكن ان نقول هو التيار المسرحي الوحيد في السودان، اذ ظل محافظاً ومحتفظاً بنمطه المسرحي الذي ظل مفتوحاً على كافة التحولات الاجتماعية والسياسية التي مرت على السودان طوال الخمسين عاما الماضية وغرس خلالها هذا الرجل راية فن المسرح وتعهدها بالرعاية والاهتمام. وكان من جراء هذا ان قدم العديد من الاعمال المسرحية السودانية، اثرى بها الساحة ومشاركا بها في صناعة وجدان درامي لانسان السودان.. مما يؤهل هذا الفنان الكبير الى ان يُقال عنه انه صاحب تيار مسرحي متميز. ولم يكتف الفاضل سعيد بان طاف على كل مدن السودان وقراه ودساكره، بل لاحق الانسان العربي بأن طاف على بعض الدول العربية وقدم على مسارحها فنه الراقي.
خمسون عاماً هى رحلة العطاء التي خاض غمارها الرائد المسرحي الفاضل سعيد فى المسرح السودانى . ويحسب له إيمانه برسالته التي ما بخل عليها بالجهد والفكر. ولم يكن زاد الرحلة الا صبر طويل ورهق
منقول من موقع الاستاز
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى